السبت، 16 يناير 2010

وقرأنا الفاتحة ،







أَغلَقتُ المُصحَف الشَريف ، بَعدَ أَن رَسَمْتُ على شَفَتَيّ ابتَسامةَ راحةٍ وطُمَأنِينَة ، فَكُلما غِصْتُ بأفكاري ارتَسَمَتْ عَلى وَجْنَتَيّ دَائِرتَان حَمرَاوَتَان ، وَكُلما بَالغتُ فِي التَفكِير ازدَادت الحُمرَة ، حَتى انفِضُ رَأسِي ثَلاثاً وأقومُ بالتَمارينِ الصَّباحِية لأطْرُد أَفكَاري الخُجْلى كَمَا تُطْرَد الذُبَابْ .



استدرتُ قَبل أَنْ يُغادر ، بُل قَبلَ أَنْ نُلقِي تَحِية الوَداع .. أَعلمُ إنَّه لم يَكُ تصرفاً حكيماً ، وأَعلَمُ مُسبقاً أيضاً إنهُ يستَكره وَداعي له بِهكذا صُنف ، إلا إنّي أَستَوحِشُ رَحِيله ، أخافُ أن لا أراهُ مُجدداً إذا ما رأيتُ انتِكاسَتِه .


أعادَ وجْهِي إليه ، قبَّلَ غُرَّتي .. وطلبَ مِني قراءة الفاتحة !
- لِمَ الفاتحة ؟
- هَكذا .. بِنِيَّةِ التَوفِيق .


قَرأْنا الفاتِحة ورَحل . لَم يُحالِفني شُعوري يوماً ، فقد كاَن كَثيراً مَا يَتوقُ لِخُذلانِي ، فَصرتُ أصدّقُ مَشَاعِراً مَعكُوسَة ، عَلى كِل حَال ، فَأنا رأيتُهُ مِنَ الخَلفِ مُغادراً للمَرة الأولى ، وكَانت هِيَ الأخِيرَة .


جَاءَني باليومِ التالي ، مَحمُولاً عَلى النَّعشِ .. تَسيرُ مِن خَلفِه الرِّجَال ، وَتَلطُم النِّسوَة .. وَيَتَعَالى نِيَاحْ الصِّغَار .. وَتَرتَفِعُ مِنَ المَآذِن آهَاتٍ بِصَدىً يَقول : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق