الخميس، 17 يونيو 2010

وجاء اليوم المنتظر ، أن أنتهي من امتحان مادة الاجتماعيات في الساعة الواحدة والنصف من يوم الخميس الموافق 17 / 6 / 2010 م ، هذا يعني بداية عطلة صيفية جديدة ، ونهاية سنة دراسية ، كانت هي حصيلة لأثني عشرة سنة دراسية متواصلة . لأول مرة تشعر كينونتي بالاستقلالية ، أيّ .. لستُ في اضطرار لاتباع نظام معين ، ولستُ مُجبرة لترك نظام معين آخر . وداعاً للحصص .. الصفوف .. المعلمات .. المشرفات .. أيام اختزلت البسمة والدمعة في آن واحد ، ذكريات العلم / الجد / الهزل ، سأشتاقُها .. وأشتاقُهم ..!
=)

الأربعاء، 9 يونيو 2010






انتهيت أخيراً من ابتلاع ال 318 وريقة , قماشة العليان باتت تأسرني بكل ما تكتب .. أصبحتُ أعشق اسلوبها الرائع في إيصال الفكرة والموضوعية للقارئ بانسيابية تامه ..

أجّلتُ المذاكرة لامتحان الغد .. فقط لإنهائها ، فلم أكن أستطيع الجمع بين الاثنان .. فكلما فتحت الكتاب سرحتُ في شأن سارة التي باتت في لندن ، تخشى الله .. ونفسها .. والشيطان ! . أغلق الكتاب للمرة الألف لأكمل معاناة المرأة السعودية التي هربت من ثلاثة بيوت كانوا بيوتها ، وليسوا بيوتها ، لتستبدل الاكسجين الخانق بآخر نقي .. فوجدت نفسها في الخطيئة .. التي تعتبر حرية لدى اللندنيون ( و أعني سُكّان لندن من عرب وأعاجم ) .

ضميري يؤنبني , والساعة لا تكف عن الحركة ولو للحظة , وامتحان الغد .. ؟ / أعاود فتح الكتاب أتنقل بين أشعار الخطيب إلى أبي ريشة ، أقرأ ولا أقرأ , أحفظ ولا أحفظ .. أعلم إن كل محاولاتي الدراسية عقيمة فأعاود أغلاق كتابي .. وافتح الكتاب الآخر . أبكي مع سارة التي عادت من لندن ونسيت شرفها هناك .. عادت لتلقى جسدها وقد تتضاعفت الأرواح فيه .. وأصبح يختزن روحان !!!

أقرأ وأنا أشتم روبير .. فيصل .. كاتيا ! كل من قادها إلى المحرمات .. ألعن الحرية التي تنفي كلام الله ونواهيه ، الحرية التي تحبس الله في بلد وتنفيه من بلد ( حاشى الله ! بل له كل ما في السماوات والأرضون ! ) .. أتهجأ الحروف وأنا أمسح بقايا دموعي التي أصبحت تشعرني بالحكة !

سارة تخلصت من جنينها .. ولدته ابن السبعة أشهر ، خلفت خطيئتها وراء ظهرها ، وهربت دون علم كائنٍ من كان سوى ليلى والله ! هي الآن في مشارف الزواج لرجل غني بخيل .. لم أرتح لهذهِ الزيجة إطلاقاً .. أصرخ فيها .. أتركيه .. أتركيه .. ، صراخي وعويلي لا يسمعه سواي وجدراني الأربعة .. فأسكت رغماً عني و أتابع مجرى الأحداث / المفاجأة في القادم من الشرقية " سعود " ابن عمتها .. الذي تعلق فيها مذ أن رآها مصادفةً .. أو هو القدر ورحمة الله التي تُرد ! ..

يخرج بطلاً صغيراً من دار الرعاية , ذو الشعر الأصفر .. وعينين هما بحيرة عسل .. يخرج للدنيا ليلقي أمهات من مختلف الأشكال والالوان .. ماما خديجة / ماما فاطمة / ماما ..... وماما ليلى !! ، التي أسرها جماله ورفضت منيته ، أخذته دون علم سارة إلى دار الرعاية .. وكانت تزاوره بين الحينة والآخرى .. تعلق فيها وتعلقت فيه .. حتى أخبرته يوماً إنها مقدمةً على سفرٍ بعيد لا عودة منه .. وستزاوره أمه التي ولدت .. ماما سارة !

يرى أمرأةً ضائعةً بين أرديةٍ سوداء .. بوجهٍ شاحب .. يخفي هالة الجمال والرونق ,, تتقدم له ..تمسح شعره .. وبكاءها لا يكف .. هتفت بهمس " روبير " .. ثم تابعت في البكاء " سامحكِ الله يا ليلى ,, فاليرحمكِ الله " !

أخيراً انهيتها ، فاضت عينيّ بالدموع ،، أقبلت لكتبي ، بدأت أقلب الصفحات وأشهق .. متى سؤنهيه !!


السبت، 5 يونيو 2010

اعترافات باطلة


لَم أسْتَطِع مصَارحَتكِ شفوياً , فَحيائِي يستوقفني .. لستُ أَنا ذلِكَ الوَلَد الشَّقِي ، الذي طَالما يَتوقُ لِتَعذيبِك ، و تَكمُن راحتهُ في صراخَكِ وعَويلك . ربما بالغتُ في خُطَطِي الشَيْطانية ، واستَنفَذتُ طاقَتي الطُفولية في إرعَابكِ وإخافتك ، _ الآن فقط _ أعتَرِف بِسَذاجتي وغَبائي .

أتَذَكّر ، عندما كنتُ أضربكِ ضرباً مبرحاً في غِياب والدكِ ، أو دعيني أنعته بعمي _ كما تستدعي صلة القرابة _ . كُنتِ كثيرة الدلال ، بالدَّرجة التي تَجعَل من حولي يَكرهنني بِسَبَبِك ، إذ إنها المُعضلة التي جعلت حِقدي الدفين يَتَكاثَر .

أتذكرين ؟ عندما أوصَدتُ عليكِ بابَ الحمام بإحكام ، بعدَ أَن حكيتُ لكِ قصَّة العِفريت شمعون ؟ ، واحدةٌ مِن خُرافاتي اللامتناهية . ضحكتُ يومها كما لَم أضحك من قبل ، وأَنا أسمَع توسلكِ إليّ . حتى عَطَفَ قَلبي الصَغير و فتحتُ الباب ، وإذ بي أتفاجأ بتبولكِ في ملابسكِ . بعد هذهِ الحادثة صرتُ أنشُر أحدَاث القِصة عَلى الأطفال ، على الرغم من تهديد عمي المتواصل ، إلا إنّي كنتُ أستمتع بضحكات الجميع .. وأنا معهم !

جسدكِ النحيل ، شعركِ الأسود الكثيف ، كثيراً ما كانَ يسبب لي عُقدة نفسية ، سمعتكِ تحدثين زينب إبنة عمتي ذات مرّة ، تَتَشَكّين لها معاناتكِ الدؤوبة معي ، هذا ما زادَ شجاعتي وأعطاني حافزاً لبذل المزيد .
حتى كَبَرتُ .. وكَبِرتِ ، وأصبحتِ أكثر قبحاً من ذي قبل بجسدكِ السمين ، ووجهكِ المدور كبطيخةٍ حمراء ملؤها حَبٍ فاسِد من كل ناحيةٍ وصوب . أتذكر تهديداتي لكِ بالقتل عُنوة ، بعد أن أتخذتُ من السكينة الحمراء سلاحاً أبيضاً خاصاً بي . لا يخفى على ذاكرتي تلكَ اللحظات ، عندما كنتِ تشتهين الماء الذي تعده جدتي .. كنتُ أقف متوسطاً الدار بسكِّينتي مانعاً إيّاكِ ، وبدوركِ تنعتيني بيزيد تارة ، وبالشمر تارةً أخرى ، حتى تأخذني الرأفة وأهِبَكِ دقيقة واحدة تُبَللِين فيها ريقكِ بماء جدتي العذب .

آه ما أشهاه .. أما زلتِ تتذكرين طعمه ؟

وشاء القدر أن ننتقل لمنزلٍ جديد ، كانت فرحتي كبيرة .. لكنها لم تتجاوز فرحتكِ بفراقي . مضت الأيام و السنين تجري دون مستقرٍ لها ، حتى أصبحنا بذلك الصباح المفجع ، الذي سلب منا عمنا الأصغر .

كنتُ حينها في العشرين من عمري بينما كنتِ في مقبل عامكِ السادس عشر ، حينما رأيتكِ تستفرغين حزنكِ بحجرِ جدتي ، زمهريريتي اقشعرت لعاملٍ أجهله ، أو تجاهلته للوهلة الأولى .. حتى هدَأتِ وبانت معالم وجهكِ القمرية ، وجهٌ مدورٌ مضيءْ ، شديد الحمرة ، عينان لوزيتان محمرتان من شدة البكاء ، توقفتُ عن متابعة بقية المعالم .. فقد كانت نظراتكِ قاسية .. أهي نظرات حقد أم انتقام ؟ أقسم برب السماء .. لو كان لي ذرةً من علم الغيب ، لما فعلتُ مافعلت .
اليوم وبعد سبع وعشرون عاماً من حياتي .. أقولها " ليتني لم أكن " . كيف سأبدو لمن جازيته الوجع من صغري ، وأخفيتُ عشقي له في رشدي .. ! هل لي من قدرٍ بسيط من عفوك ؟

رمت الرسائل من حوزتها ، لتنبجس من بين شفتيها ابتسامة مكر تعبر عن كيدها ، وهي تعقد العزم على تجريعه ما تجرعته في الصغر .. بطعمٍ مختلف ، بطعمٍ ألذ