الاثنين، 2 سبتمبر 2013

أغنية



لا شيءَ يدعو للضحكِ الآن، حتى المهرج الذي كان يضحكني أصبحَ شبحاً بعد عمليةِ التجميلِ التي أجراها مؤخراً، أنا التي لايمكنها كسو دموعها ثلاث ثوان مترابطة، ربطت ملحَ حياتها في جرةٍ ألقتها جحيما، 
كيف يمكن للملحِ أن يعود؟ 
كبرت الجرّة، أصبحت شمساً للملأ .. إلا إليه ..    
سألتُ في فرنسا كلّ مشفى، كلّ زقاق، كلّ حيّ عهدتكَ فيه، هنا الجميعُ يغني "الحبّ ليسَ رواية شرقية، بختامها يتزوجُ الأبطال،لكنه الإبحارُ دونَ سفينة، وشعورنا أن الوصول محال".


أجريتُ جميع الفحوصات التي نحتاجها أنا و (هو)، هو يأخذ شكلاً دائريا، كشكلك حين تنكمشَ لتنام، هو لا ينام، هو يضجّ بالسؤال عنك، يتحركُ الآن، ربما يرقص على ألحان الموسيقى الكردية، الموسيقى لا تنام، الموسيقى وحشٌ كاسرٌ ينهشُ كلانا كلّما تذكرناك.

كم من الوقت مضى؟

البيتُ الخالي منك، أخذ شكلاً ناقصاً، لا شيء يملأ الفراغ سواك، الرائحة التي فرّقتنا، كان وليدها حُبّ ..
بالغتُ في الصراخ، الضجيج، العتاب، رائحة، نتنه، حمام، ماء، صابون ... استحم .. إذهب!

كفى، عد الآن..
أنا أهلوس، أنا خرجتُ أولاً، حزمتُ عدّتي، هربتُ من رائحة القط الممردغُ بالتراب، فرنسا حيثُ لا أنت، كانت هواءً دونَ لون، دون طعم .. ورائحة. دونكَ أنت..


أنا أغني ..

آآآآه .. آآآآآآه .. آآآآآآآآه
رباه .. هوَ يكملُ الغناء ..
وآآآه .. وآآآ .. وآآآآآه
صوتُ نشازٍ في العزف   .. " بوي .. بوي .. "


...
(2)

أسيرُ بقدمينِ مغمضتين، لا أحد في هذا المشفى يكمش ذوقه البغيض عني، لا ينثني أحد هنا عن الركض ورائي، يسألني عن حادثة إختفاء الزوجة التي كان الجميع يحسدني عليها، يستفسر ما إذا كان لديها 
عشيقٌ ظاهرٌ أو خفيٌ. النساءُ هنا أكثر سروراً، فرضية الحصولِ على زوجٍ والهربِ من ضفة العنوسة ترتفع. الرجال الفضوليون لا يكفون عن طرح أسئلةٍ تتعلق بظروفكِ الأخيرة، الجميعُ هنا لاحظوا تغيركِ بعد عشر سنواتٍ من الحب.
لا توجد زوجة تستفرغ من رائحة زوجها، إلا في الحمل. هكذا نفى الدكتور أمجد إيجابية ذلك. الدكتور أمجد هو نفسه من كان يلف حولكِ في كلية الطب آنذاك. حتى بعد زواجنا لم يتوقف عن إرسال رسائل حبٍ بأسماءٍ وهمية. كيف كان لكِ تصديقه؟


فرنسا، حيثُ اتبعتكِ كقطٍ مشرّد ..

سألتُ فيها كلّ مشفى، كلّ زقاق، كلّ حيّ عهدتكِ فيه، هنا الجميعُ يغني "الحب ليس رواية شرقية.. بختامها يتزوج الأبطال.. لكنه الإبحار دون سفينة.. وشعورنا أن الوصول محال".
أمضيتُ هنا عامين، ربما خمسة، أو عشرة، أنا لا أحسن العدّ والتعداد، أنا سُلّمٌ من درجةٍ واحدة، أغوص في كتب الطب دون أن أجد لؤلؤة تشفي علّتي. أنا قهوة، دونَ ماءٍ، دونَ سُكّر، دون فنجان، أنا ..
تررررن ..


لم أكمل كوب القهوة عندما تلقيتُ مكالمةً هاتفيةً تفيدُ بأن سيدةً في الشقة المقابلة في وضعِ مخاض، لم أكن أعلم بأن طابقنا الذكوري تسكنهُ سيدة.
لا أعلمُ كيفَ ومتى بدأتُ مباشرة الولادة، من اتصل بالإسعاف؟ كيف وصلنا للمشفى؟ كيف أتممتُ العملية؟ كيف سمعتُه للمرة الأولى يناديني .. " بااه .. باااا .. باااااه ".

.

تمت 
مايو ، 2013 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق