السبت، 1 نوفمبر 2014

للصديقات الصديقات

إلى الصديقات اللواتي وقعن معي في حضن الزمن الجميل، الصديقات اللواتي قاسين أفعال الزمن حين كان رديئاً، في حين انه مازال جميلاً لدى الآخرين، الصديقات اللواتي قاسين ذات الدوران في ابريق الشاي حاراً وبارداً. ما عساي أقول لتهنئة نفسي، وماعساي أقول لعزائها على الراحلات منكن؟
 
- لم نكن نعلم ان السيارة قد توقفت عن الحراك، الطريق السريع.. قطعنا نصفه، مسارنا الأوسط كان يجبرنا على مراقبة المسارين من حولنا، ولا نعلم ان كنا نراقب المسارين أم أن ذات اليمين وذات الشمال كان يعد العدة والحساب.
 
حينها صرخت #أ : السيارة معطلة.. معطلة !!
سمعتها جيداً حيث أن صرختها لم تكن بالهمس طبعاً، إلا وأن شيئاً بي حينها لم يكن يسمح لي بتصديق ذلك، بتُ أضرب المقود لعله يستجيب أسرع من السيارات التي أصبحت قطارات سريعة فجأة. السيارة تسير بما في العجلات من طاقة لا طاقة المحرك، وكأن الزمن يريد أن يهبنا موتاً بطيئاً لأن البطئ دائماً أسرع في الالتقاط.
 
بصعوبة بالغة استحوذت على المسار الأيمن، ولسوء الحظ استطعت ايقاف السيارة تحت كوبري كان من الصعب التحكم في سرعة السيارات فيه، من الصعب أن يرانا أحدهم. لا، لم يكن صعباً فالصديقة #ط سرعان ما هبت للمساعدة.
 
#تهنئة
 

من يكون الحسين؟


حين تكون صادقاً، تستطيع بسهولة كبيرة أن تجيب على أصعب الأسئلة، حتى تلك التي تفتقر إلى الذوق. التي تخالط واقعاً لا يعني الآخر بشيء، تخالط خصوصياتك التي لا يمكن للآخرين أن يمسوها بهمس. تستطيع اقحام ألسنتهم كأشرس ما تكون، وكأسخف مايكونون. حين تكون صادقاً فقط.


أسخف سؤال واجهته قبل اسبوع أو أكثر، لم اتمكن من اجابته. يسألني أحد المحسوبين على المذهب الجعفري، المحدث بال (update) المطور جداً: " انتم حين تذهبون لزيارة الحسين (ع)، تقضون في كربلاء ما يقارب الاسبوع وأكثر، لا يصيبكم ملل؟ وسط قذارة الطريق، ورداءة المسكن؟"


شعرتُ حينها بطاقة الديجتل الرقمية في حين ان كل التعابير الظاهرة تأخذ شكل خطوط الطول التي تظهر على رأس (ماروكو)، أعلم بأني لا أملك الحق على قذفه بأيٍّ من الحاجيات التي كانت على الطاولة، أعلم أنَ منصبي الفقير إلى منصبه المهني، لا يسمح لي بأن أفجر غيضي/ أن أصرخ فيه على الأقل. أن أدس سؤاله في بلعومه أو حتى في بنات أفكاره.


في حين أن وقت صلاة قد حان، أجبته: بأن الله يناديني، فالسابقون السابقون. يالله.. في الحب الذي يتهافت عليه الناس، في العشق الذي يذوبون فيه، يتمنون نظرة من أحبتهم، وأجزم بأنهم يتمنون أكثر من ذلك. فكيف يسألون إذا كنا قد مللنا قرب الحسين؟ ألا يعلمون من يكون الحسين؟

الاثنين، 2 سبتمبر 2013

أغنية



لا شيءَ يدعو للضحكِ الآن، حتى المهرج الذي كان يضحكني أصبحَ شبحاً بعد عمليةِ التجميلِ التي أجراها مؤخراً، أنا التي لايمكنها كسو دموعها ثلاث ثوان مترابطة، ربطت ملحَ حياتها في جرةٍ ألقتها جحيما، 
كيف يمكن للملحِ أن يعود؟ 
كبرت الجرّة، أصبحت شمساً للملأ .. إلا إليه ..    
سألتُ في فرنسا كلّ مشفى، كلّ زقاق، كلّ حيّ عهدتكَ فيه، هنا الجميعُ يغني "الحبّ ليسَ رواية شرقية، بختامها يتزوجُ الأبطال،لكنه الإبحارُ دونَ سفينة، وشعورنا أن الوصول محال".


أجريتُ جميع الفحوصات التي نحتاجها أنا و (هو)، هو يأخذ شكلاً دائريا، كشكلك حين تنكمشَ لتنام، هو لا ينام، هو يضجّ بالسؤال عنك، يتحركُ الآن، ربما يرقص على ألحان الموسيقى الكردية، الموسيقى لا تنام، الموسيقى وحشٌ كاسرٌ ينهشُ كلانا كلّما تذكرناك.

كم من الوقت مضى؟

البيتُ الخالي منك، أخذ شكلاً ناقصاً، لا شيء يملأ الفراغ سواك، الرائحة التي فرّقتنا، كان وليدها حُبّ ..
بالغتُ في الصراخ، الضجيج، العتاب، رائحة، نتنه، حمام، ماء، صابون ... استحم .. إذهب!

كفى، عد الآن..
أنا أهلوس، أنا خرجتُ أولاً، حزمتُ عدّتي، هربتُ من رائحة القط الممردغُ بالتراب، فرنسا حيثُ لا أنت، كانت هواءً دونَ لون، دون طعم .. ورائحة. دونكَ أنت..


أنا أغني ..

آآآآه .. آآآآآآه .. آآآآآآآآه
رباه .. هوَ يكملُ الغناء ..
وآآآه .. وآآآ .. وآآآآآه
صوتُ نشازٍ في العزف   .. " بوي .. بوي .. "


...
(2)

أسيرُ بقدمينِ مغمضتين، لا أحد في هذا المشفى يكمش ذوقه البغيض عني، لا ينثني أحد هنا عن الركض ورائي، يسألني عن حادثة إختفاء الزوجة التي كان الجميع يحسدني عليها، يستفسر ما إذا كان لديها 
عشيقٌ ظاهرٌ أو خفيٌ. النساءُ هنا أكثر سروراً، فرضية الحصولِ على زوجٍ والهربِ من ضفة العنوسة ترتفع. الرجال الفضوليون لا يكفون عن طرح أسئلةٍ تتعلق بظروفكِ الأخيرة، الجميعُ هنا لاحظوا تغيركِ بعد عشر سنواتٍ من الحب.
لا توجد زوجة تستفرغ من رائحة زوجها، إلا في الحمل. هكذا نفى الدكتور أمجد إيجابية ذلك. الدكتور أمجد هو نفسه من كان يلف حولكِ في كلية الطب آنذاك. حتى بعد زواجنا لم يتوقف عن إرسال رسائل حبٍ بأسماءٍ وهمية. كيف كان لكِ تصديقه؟


فرنسا، حيثُ اتبعتكِ كقطٍ مشرّد ..

سألتُ فيها كلّ مشفى، كلّ زقاق، كلّ حيّ عهدتكِ فيه، هنا الجميعُ يغني "الحب ليس رواية شرقية.. بختامها يتزوج الأبطال.. لكنه الإبحار دون سفينة.. وشعورنا أن الوصول محال".
أمضيتُ هنا عامين، ربما خمسة، أو عشرة، أنا لا أحسن العدّ والتعداد، أنا سُلّمٌ من درجةٍ واحدة، أغوص في كتب الطب دون أن أجد لؤلؤة تشفي علّتي. أنا قهوة، دونَ ماءٍ، دونَ سُكّر، دون فنجان، أنا ..
تررررن ..


لم أكمل كوب القهوة عندما تلقيتُ مكالمةً هاتفيةً تفيدُ بأن سيدةً في الشقة المقابلة في وضعِ مخاض، لم أكن أعلم بأن طابقنا الذكوري تسكنهُ سيدة.
لا أعلمُ كيفَ ومتى بدأتُ مباشرة الولادة، من اتصل بالإسعاف؟ كيف وصلنا للمشفى؟ كيف أتممتُ العملية؟ كيف سمعتُه للمرة الأولى يناديني .. " بااه .. باااا .. باااااه ".

.

تمت 
مايو ، 2013 

الأربعاء، 16 يناير 2013

عَرَبْ ..




لم أتخيل بأنّي بعد ثلاثين عاماً سأعودُ لذاتِ المكان الذي درستُ فيهِ الإبتدائيةَ،
لأشرحَ لطلبةِ هذا الجيل " جغرافيا الوطنِ العربيِ " 
لم أتخيل أن أشير لهذهِ الدولة، وأصرخ في الصغار : ما تُسمى؟
ليأتي الجوابُ بالإجماعِ: دولةُ اسرائيلَ
لا يُقفلُ المشهدُ هُنا!
يدخلُ مديري فجأةً، يرى حماسَ الطلبةِ .. 
يستدعيني نهايةَ الدوامِ .. 
يدُسُ في جيبي ألفَ قطعةِ نقودٍ عربيةٍ – مكافأة - !  

الأحد، 21 أكتوبر 2012

رهائن 1 / الجسر



-1-
يومها، انطلقتُ معَ سالمٍ في الواحدةِ ظهراً قاصدَين الإحساء، لاصطحابِ خليلٍ لنا يُدعى سعيد، ومن هناك ننطلقُ مرةً أخرى لقطر، حيثُ نشتري بضائعنا، لنبيعها مرةً أخرى، تماماً كما تجري الحياة، بيعٌ وشراء، شراءٌ وبيع، لا أحد يأخذُ الماءَ ولا الهواءَ ولا الأمنَ بالمجّان، بل حتى كمَا تقول جدتي " لو الصلاة بالمجان لم يُصَلِّ أحد ".

الحركة طبيعية، عدا شيئاً من نظراتِ موظفيّ الجسر، والتي قد تبدو طبيعية إذا ما ربطناها بالأزمة الموجودة في الوَطن .. آآه !

انتقلنا للضفةِ الأخرى، حيثُ إسلامٌ، وحَرمَينِ شريفين، حيثُ مسلمونَ وقِبلَتِهم، حيثُ يقطنُ صديقنا سعيد .. آآه !

حمّلَ سعيد السيارة أضعافَ حِملهِ من الحلوى، قال إنّها تجلبُ السعادة. يقول سعيد ضاحِكاً:" كُلْ كِتكات وانسى حالك ". يجيبه سالِم: " إيِوَه، حِلوة مَرَّة يا شيخ ". نضحكُ نحنُ الثالثة على أنغام أنشودة ثورية- اختارها سالِم- .. آآه !

لم نكن نعرفُ كم استغرقَ العُمّال في رصفِ الجسر، ولا كم المدّة التي قضوها في دراسة الجدوى، ولا كم طنّاً تحملهُ حافلات الشحن، ولا كم كيلو جراماً تحملهُ حضرة المحقق، تماماً كما لا نعلم سبب وجودنا في مركز الشرطة، هنا في قطر.

حسبما يذكر ملف القضية، فأنتم متَّهمون بالاشتراك في خلية إرهابية،تفجير جسر الملك فهد، وتهريب أسلحة إلى سوريا! – قالَ الضابط –
سيدي، نحنُ لا نمتلكُ من أجنحةِ نقلٍ سوى هوياتنا التي تخوّل لنا السفر عبرَ دول الخليج العربي، سوريا سيدي الضابط تحتاج لجوازات سفر، وهذا ما لا نملكه أنا وسالِم. –قلتُ أنا-
لم يشفعْ التحليل الذي لابد لهُ أن يكونَ منطقياً لدى الضابط، قبعنا حواليَ الشهرَ في قطر، لا نعلمُ من الاتهاماتِ الملفقة بنا إلا ما يُقال ونسمعه. السجنُ يأكلُ في لحومنا كلّما جاع، ويشربُ من دمائنا متى أحسَّ بالظمأ. للسجنُ لونٌ واحد، هو الأسود، ورائحةٌ واحدة، هي المَوت.

-2-

هذا ما قصّهُ صديقي حينما أفرجوا عنه قبلَ أشهر، صديقي الآن عالقٌ في السجن ثانيةً، حينَ حاولَ السفر ثانيةً، إلى الضفّةِ الثانية.
.
.

تمت

إن كانَ هناك تشابه بين شخصيات القصة والواقع، فهو مقصود ..