الاثنين، 1 فبراير 2010

الكأس الزُجاجيّ



أحاديثهُم لم تكُن لتخرُج عن نطاقِ العائلة لو لم أقُم بكسر الكأس الزُجاجي الواقع أمامي على الطاولة ، وأتظاهر بالخوف على نفسي وعليهن من بقايا الزجيج المتناثرة حول الأريكة ، فَبَدَأَتْ كلُّ واحدةٍ تُهرولُ فزعةً خائفةً على نفسها وجسدها من أن يُخدش بفعل الزجاج ، فأقبل عند ذلك عُمال المطعم وسارعوا في جمعِ ولملمةِ الزجيج .

إلا إنَّ لذة الحديث لم تجعل من الضوضاء سبباً لنسيان محور الحديث ، فما أسرع أن عُدنَ متقابلاتٍ يتبادلن أطراف الذم والمديح ، فهذهِ تقول أبي بخيل ، وتلكَ تقول أبي سخي لحد الهَبَل ، وأنا بين حديثِ الواحدة تلو الأخرى أوزعُ ابتساماتي ، وأوحي لهنَّ تصديقي وتأثري بمقولاتهن .

حتى صدمني سؤال إحداهُن : وماذا عن والدكِ يا غَسَق ؟

البديهي هو أن أجيب عليها " أبي مات " ، إلا إنّي أسقطتُ كأساً زُجاجياً آخر ، وعمّت الفوضى في المكان مرةً أخرى ، وبنفس الهلع والجزع تفاررن صديقاتي ، وبنفس النشاط تسارعَ عُمال المطعم ، أما أنا صِرتُ أتخذ من الكؤوس حُججاً لأتهرب من الأحاديث الثقيلة ، متى ما شئت ، ومتى ما صعبت عليّ الإجابة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق