السبت، 24 ديسمبر 2011

شَوكَة


سألني: أتعرفُ ما الحب يا صديقي؟
أجبتهُ بحرارة: ذاكَ الذي نأكلهُ عبرَ فلقِ قشرتهِ نصفين بقواطعنا؟ نعم يا صديقي، هو لذيذ، ويصبحُ ألذ إذا ما قُدّمَ مع الشاي الأحمر بعد الظهيرة، ياااه شهيّتَني!
أغمضَ عينيه مُسنداً رأسهُ لحافةِ النافذة: انظر لصاحبةِ القناعِ الأرجواني! ذاكَ هو الحب الذي لا يمكنكَ فلق قشرته، نعم يا صديقي، هو لذيذ، لكنّهُ محال!
خلعتُ قناعيَ الأحمر واستعنتُ بنظاراتي الطبية: أيَهم يا رجل؟ فكلهنَ متنكرات!
- تلكَ التي تميّزُ نفسَها بنفسِها، بلونها الذي يكتسحُ الألوانَ في كلِّ الفصول، تلكَ التي إن سألتكَ من أنت؟ غابت عن فضائكَ كلّ الحلول. ترتدي ريشَ طاووسٍ لا يمكنهُ كبشَ ذاك الغرور. هيَ من كُنتُ أسرقُ النظرَ لشرفتها كُلّ صباحٍ، إبّانَ استعدادها لمدرستها، فتصيبني بسهامها أكثر المواضع حرجاً، وإن كانت يوماً قد خففت وابلها، قذفتني بجمرةٍ أسفل رقبتي لأن لا أعيد رفعَ ذاتي قِبالها!

- ذاتَ القناع الأرجواني؟
- ذاكَ هو الحب! عندما نصحني الحاج متولي بأكلِ خمسِ تفاحاتٍ من دُكّانه، قال إنها تُجلبُ الحظ، وتَهِبُ جرعاتٍ لا مُتناهية من الجرأة. جرّبتُها!

- أيُعقل؟
- نعم، ولن تُصدّقني إن أخبرتكَ بأنَ تفّاح الحاج فاسد، يبيعُ الفاكهة بعد شهرٍ من انتهاء صلاحيتها لأن لا يخسرَ جُنيهاً واحداً.

- أنفعكَ فسادها؟
- يا صديقي! كيفَ لا وقد تقيأتُ جعبتي في حضرتها!

- يحيا الحب!! وما كانَ شعورك؟ شعورها؟ ماذا ماذا؟
- لذيذ، قد تقيأتُ تُفاحاً فاسداً يا رجل!!

- ماذا ماذا؟ هاهاهاها لا تقلها! لِمَ لمْ تحاول إخبارها مجدداً إذن؟
- مُحال، صادفتها في الحي بعدَ أسبوعين من الحادثة، حينها سألتني: من أنت؟

أحزنني، وبقدر ما أحزنني، دقَ الفضولُ خاطري وقالَ لي هيا إلى العمل. اقتربتُ منها بعد أن ارتديتُ قناعيَ مجدداً. تجذبُ الضيوفَ حولها كما تجذبُ قطعة الحلوى قبيلة نمل! أيُّ وجهٍ يختبئُ خلفَ ذاكَ الأرجوان؟ إن كانَ بحوزتها كلّ الجمال أم لم يكن، متيقنٌ بأن الحياةَ حبتها حبَّ أناسٍ لا يمكنُ تعدادهم، ولها في صديقيَ العاشقُ تِبيان!

في زُمرةِ التفكير ناولني صديقي ...
- شوكة؟؟
- نعم شوكة .. وينقصكَ ذيلاً إضافة إلى أذناكَ القمعيتان وأحمركَ القبيح، لتظهرَ حقيقتكَ النكراء!
- تعال ياصـ ... يا الهي كانَ قصـ... اععععع " عذراً، فأنا أتقيأ خمسُ سنواتٍ من الصداقة الفاسدة "!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق