الأحد، 27 مارس 2011

كانت لنا كرامة!

في صباحٍ لا أذكره، وساعةٌ تناسيتها، ولدت لنا في بلدتي طفلة تُسمى "كرامة"، مجهولة المولد، بصفة شرعية। كيف॥؟ لا أحدَ يعلم! كنّا قد تآلفنا عيشة الظلام، وربما أحبها البعضُ حتى! بالدرجة التي كنا نخافُ نورَ الشمس، فنقضي نهارنا سُباتا، وليلنا معاشا!

ولدت " كرامة " من صخرةٍ كبيرةٍ تحملها ستُ أعمدةٍ واقعةٍ بين نهرين। لا أعني أنها ابنة صخرة! لكن॥ هكذا توارث الأهالي قصتها، كونُ أول من رآها، وجدها بالقربِ من تلكَ الصخرة.

كرامة، التي ارتابَ منها نفرٌ من الأهالي أول وصولها، وما تفانوا في محاولاتٍ بائسةٍ لإخراجها حيناً واغتيالها حيناً آخر! كَبُرَت بشكلٍ لافتٍ للغاية॥ ومع كلِّ سنةٍ تكبُرُ فيها، كانت تُحدِثُ زلزالاً في بلدتي.. يخافهُ الجميع! عنّي أنا.. لم أعد أذكر شيئاً! فكلُّ ما خزّنتهُ ذاكرتي سابقاً، قد تسرّبَ دونَ أن ألحظه، فذهبَ مع مهبِّ ريحٍ حملت لنا كرامة!

الحياةُ مختلفةٌ تماماً، شمسُ النهار لم تُعِد تُخيفُ الأهالي، حتى أنهم أمسوا يستعينون بشموعٍ إذا ما حلّ الظلام॥! البلدةُ التي كانَ الجميعُ يزيحُ أنظارهُ عنها.. لفقرها/ تعاستها/ ومحو الحياة على أرضها، أصبحت تستقطبُ العالم في بقعتها الصغيرة..، حتى الطيور أصبحت تتزاحم على أغصانها..، الشمسُ تُحاربُ السّحاب إذا ما حاول حَجبُها!

من بلدتي॥ ولد الثقافة/ الحريّة/ العلم/ الحياة/ والإنسانية، ولِدَ الذّهبَ والفضّة، ولِدَ المالَ والألماس.. حتى انطلقَ مُسمّى " التجارة "!!

في صباحٍ لا أذكره، وساعةٌ تناسيتُها، استيقظتُ على نياحِ شيخٍ وطفلْ../ وصوتُ ديك وكلب../ ولا أذكرُ إن سمعتُ هديلَ حمامةٍ أو حِسَّ خَيلْ..، لكنْ! عندما سألتهم عن السبب. قالوا: ( بيعَتْ كرامة للرجلِ الأصفر! ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق