السبت، 13 فبراير 2010

لعنة الحُب !

مضت خمسُ سنين ويوم وساعةٍ وصفر من الدقائق ، على آخرِ سنةٍ ويومٍ وساعةٍ ودقيقة قد جمعتنا ، على آخِرُ ذكرى صدى صوتٍ انطلق من حُنجرتي ، كانَ آخر ما تقلقل بهِ لِساني " يا علي " وأنا عالقةٌ بين السماواتِ والأرضون أطيرُ بسيارتي واتشقلبُ معهُ في كرنفال سيركٍ عظيم ، حتى إذا ما هوينا .. تحاشد الناس من حولنا ، بشفاهٍ متقلقلة ، وردودٍ مهما كانت مُختلفة شكلياً ونطقياً ، إلا إنها مُترادفة المعاني ، تنجرُّ جراً في سياقٍ واحد .

- لا اله الا الله
- لا حول ولا قوة إلا بالله
- أقول ليكم ما جفت اثنين يحبون بعض مثلهم ، وش بصير فيها لو درت ان رجلها مات !
- حسبي الله عليش ، طلعي برا لا تسمعش

إذاً فعلي مات ! مات علي ؟ فتحتُ عيني على عجل ، زجَرتُهن ، وَبَّختُهن ، أمرتهُن بالخروج دون عودة ، نعَّتُ من نَعَتُ بالسَفَلَة ، و أخريات بأشنع وأقبح الألفاظ والعبارات ، فَتَفَارنن كالقطط السوداء ، وأنا أبكي وأبكي على صدرِ إيمان .
مهلاً .. ! هذا ما كان من المفترض أن أفتعُله . غيرَ إنّ صوتي سَرَقَهُ عليٌ وذهب ، ليسَ صوتي وحده ، إنّما قلبي / دموعي / وطفلي الصغير ، وكلُ ما جمعناه من سنين حبٍّ ووئام . سأتركهُم في عنايته ، فحريٌّ عليَّ أن يبقى وحيداً مستوحشاً دونما أنيس .

صفقةٌ واحدةٌ من يدينِ صغيرتين كانت كفيلةً بإعادتي إلى الواقع ، ( صدت العمة سرحانه ! ) تابعت جملتها ببضعٍ قهقهاتٍ بريئة وتتطايرت كأريج الرياحين ، هي ريحانة إبنة أخي . تتطايرتُ معها أنا الأخرى ، ظفرتُ بإمساكها ، فكُنتُ استحقّ قبلةً من شفتيها الصغيرتين .
- عمه عمه .. ماما بتسافر اليوم .. والبابا زعلان وااجد .
هي لعنة الحُبّ التي حلّت على آل يوسف ، ماذا ورّثتَ أبناءك يا أبتي .. ؟ آهٌ عليكَ يا أخي من بعد إيمان . أتذكر في سنةٍ من السنوات ، جُنَّ جُنونه ، إثر سفر إيمان للحج دونه ، ولم يسترجع عقله / عافيته / جوارحه ، إلا بعد عودتها . فما حالُه هذهِ المرة ! كُنتُ اتابع ما يجري في هذا البيت بسكونٍ وهدوءٍ تام ، هذا ما كانَ يُمكنني من حلّ أكثر المعادلات صعوبة ، فأنا أتكهن ما سيقولون ، وما سيفعلون ، وغالباً ما أصيب . أن تكون ثرثاراً طيلة الوقت ، يُبعدك عن النباهه والفطنة ، ربَما لهذا قدّر الله أن أقضي بقية حياتي دون ثرثرة .

بينما ريحانه تقُصُ عليّ أقاصيصها ، وإذ بنفحة إعصار ..! لا ، لم يكن إعصار ، إنّهُ أخي ! ، حمّل حقيبة السفر المسنودة أمام الباب الرئيسي ، قذفها للداخل ، صاحت فيه إيمان !
- شقااعد تسوي !!
- ما أضن انش بتسافرين يا ايمان
- محمد !!
- إيمان !
- اللي تبيه بصير ، بس هد اعصابك !

ابتسمتُ لهم ، فهذا أخي ، وهذهِ إيمان ، وهذهِ أنا وتكهناتي التي أصيب بها للمرة الألف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق